تعيش البشرية اليوم وضعاً حضارياً عالميا متسارعاً ومعقدا للغاية. فلأول مرة في تاريخ الإنسان ووجوده الحضاري يقف الوعي البشري أمام لحظة التحول العالمي الكبير والمعقد الذي يسير به نحو عصر العالمية والشمولية ، وفي هذا العصر العالمي تدخل الإنسانية كلها مرحلة التلاقي ، والاتصال العالمي الحساس والمعقد. وهنا تصبح الأديان والثقافات والحضارات في وضع الاستنفار الحضاري العام والترقب الحذر المتيقظ لما ستفرزه فعاليات النشاط الإنساني في عصر العالمية، وما سيؤدي إليه هذا الوعي العالمي الجديد من آثار سلبية أو إيجابية على الاستقرار والتطور العام لهذه الأديان والثقافات والحضارات، ففي هذه المرحلة من التطور الإنساني على مستوى التصور والوعي والمنهج والخبرة والفعل والإدراك للحياة والواقع والوجود. يوضع الإنسان أمام اختبار التحول العالمي بدينه، وثقافته، وحضارته ليعيش مع الأديان والثقافات، والحضارات الأخرى ؛ حين ترتفع الحواجز الجغرافية والمعوقات الإتصالية ، والقيود القانونية والسياسية. ففي الوضع الذي يتنقل فيه الوعي الإنساني في العالم، وتنتقل فيه الخبرة والمعارف والأفكار وينتقل فيه الأشخاص والأشياء من وراء الحدود، ومن وراء الوعي تكون الإنسانية قد دخلت لحظة العالمية. وفي هذه اللحظة تُطرح على الأديان والثقافات والحضارات أسئلة جوهرية ومصيرية في الوجود البشري كله. فما هو الدور الذي يمكن أن يؤديه الدين والثقافة في عصر العالمية والشمولية؟ وكيف يساهم الدين في بناء الثقافة العالمية القادرة على استيعاب معطيات الواقع الجديد دون التنازل التام عن أصالته ومقدساته وقيمه؟.
اشتراک گذاری
/
/
/