الحوار ظاهرة حضارية تحتاج إلى من يقول بالحكمة والموعظة الحسنة، وإلى من يستمع القول فيتبع أحسنه. وهذه الظاهرة كانت وراء العلاقة الحوارية التي سادت العالم الإسلامي على مرّ قرون الازدهار، بين المذاهب الفقهية والكلامية والعقدية على اختلاف مشاربها، حتى إذا أفلت الحضارة الإسلامية أفل معها ذلك القول وذلك الاستماع، فلا تجد إلا النزر القليل من ينطق عن حكمة وحسن موعظة، ولا تجد المستمع الذي يبحث عن الحقيقة، بل الساحة غالبًا ما يدور فيها صراع أهوج، وعصبيات عمياء. والتاريخ الثقافي للمسلمين شاهد على أن الفرق والمذاهب استطاعت أن تواجه التحديات الحضارية التي جابهت الأمة بكفاءة عالية، وذلك حينما كانت تدير بينها حوارًا علميًا حضاريا رفيعا، وأنها لما تعطل فيها ذلك الحوار وسقطت في الصراع السلبي أو في الانغلاق والتعصب ظلت عاجزة عن مواجهة التحديات، فكان ذلك أحد أسباب تدهور الدور الحضاري للأمة الإسلامية، وهذا دليل على أهمية الدور الحضاري للحوار المذهبي.
اشتراک گذاری
/