أنّ الكتاب الحالي هو حلقة جديدة في هذه السلسلة من المؤلفات التي ليست بمعزل عن بعضها بعضا، بل متّحدة داخل منظومة فكرية متجانسة تكشف في كل مرّة عن إصرار الدكتور جيلالي بوبكر على السير قدما في مشروعه التنويري. قدّم المؤلف أدلّة صلبة على مدى صفحات هذا الكتاب عن العلاقة المتينة التي تربط بين تخلّف المسلمين وابتعادهم عن "التّمسك بأصول المجد وعن الأخذ بقوانين وشروط التحضّر"، التي حدّدها في قيّم واضحة، بناء على ما ورد في الوصية التي أملاها الشيخ عبد الرحمان شيبان على فراش المرض قبل وفاته في المستشفى يوم 12 أوت 2011، وهي: "الدين والعلم والعدل والوحدة والشرف." كتب الدكتور جيلالي بوبكر عن هذه القيّم الإنسانية وغيرها مدقّقا في معانيها وتطور مفاهيمها، ومبرزا جواهرها، متّسما دائما بالبساطة والوضوح والبعد عن التعقيد والغموض؛ مغترفا باستمرار من القرآن الكريم، ومستشهدا بالحديث النبوي الشريف، ومتفتحا على آفاق البحث العلمي الحديث يأخذ منه البراهين الساطعة على ما طرحه من أفكار وما قدّمه من آراء في فقه التاريخ وفلسفة الحضارة. كل هذا هو الذي جعل الكتاب الموسوم: " تأملات في أصول المجد ومبلغ الكمال الإنساني" متجانس الموضوع: يصوّر واقع المجتمع الإسلامي المعاصر، ويحدّد الأسباب التي ساهمت في تكريس تخلّفه في مجالات الحياة المختلفة. علاوة على هذا، فإنّ المؤلف يركّز على المقوّمات الحضارية التي يملكها الدين الإسلامي، ويدعو إلى إحيائها والعمل بها، ويحث على تفعيل همّة الإنسان المسلم للنهوض من جديد، لأنّه لا معنى أن نناقش الأسباب التي أخّرته بمعزل عن الحلول القادرة على تحقيق نهضته المنشودة.