أصبح مصطلح الهُويّة شائعاً في ميادين الفكر والثقافة، نتيجة لسعي الأمم والشعوب للحفاظ على كينونتها ووجودها وتحقيق تطلعاتها في ظل التنافس الكبير بينها، لا سيّما بعد حقبة ما بعد الإستعمار، وحصول معظم الشعوب على إستقلالها والإعتراف بحقها في تحديد مصيرها على وفق رغبة أبنائها وتطلعاتهم، عن طريق إظهار خصوصيات تلك الشعوب، والسعي للمحافظة عليها سواء ما يتعلق منها باللغة أم الدين والثقافة والحضارة، وهي بذلك تسعى من أجل نيل الإعتراف بحقوقها ومواجهة حالة التهميش والإستغلال من قبل القوى الكبرى، في الوقت نفسه تسعى هذه القوى إلى فرض هيمنتها ومركزيتها على الشعوب الضعيفة أو الدول الناشئة، ومحاولة الإستمرار بهيمنتها على مقدرات تلك الشعوب، وفرض رؤيتها الأحادية في السيطرة على العالم. إن هذا التصور لا يقف عند العلاقة بين الشعوب والأمم فحسب إنما يمتد ليشمل العلاقة بين مكونات المجتمع الواحد في فرض أو تعزيز رؤية سياسية أو دينية أو إجتماعيّة، إذ تسعى هذه المجموعة أو تلك إلى مواجهة التهميش ومحاولة تثبيت وجودها، وتعميق دورها في المجتمع أو الكيان الذي ينتمي إليه، مثلما تسعى الأخرى إلى فرض هيمنتها كذلك، ونزع الإعتراف بالآخر المختلف معها، ومن ثمّ الحفاظ على إمتيازاتها ومكانتها. إن إختيار موضوع الدراسة شكّل مثلثا تساوت أضلاعه في الأهمية من حيث اختيار الهوية، ودراستها في سرديات القاص والروائي العراقي جمعة اللامي، ومن ثم قراءتها في ضوء التحليل الثقافي.
اشتراک گذاری
/