هو دراسة تجمع في عنوان واحد بين "العلاقات الدولية" و "الفكر الإسلامي" وهما مجالان معرفيان متمايزان، فكيف يمكن أن يلتقيا وأن يقدم التقاؤهما جملة مفيدة وإضافة في منهج النظر وقضايا المجالين، تأتي هذه المحاولة ضمن استراتيجية أكبر للتأسيس لـ "دراسة العلاقات الدولية في المصادر الإسلامية" باتجاه بناء "رؤية إسلامية للعلاقات الدولية" ثم تفعيلها أكاديميًا، وتشغيلها علميًا في دراسة الأوضاع العالمية وفي قلبها، أوضاع الأمة الإسلامية، ونحن ننطلق في هذا من مراجعة نقدية لمنظورات العلاقات الدولية الموجودة فعلًا في العلم الراهن من ناحية، ومن رؤى الفكر السياسي وأدبيات الفكر الإسلامي "العربية والاستشراقية" باتساعها من ناحية أخرى. وبناء عليه، آمل أن يسهم هذا الكتاب في التراكم الأكاديمي في مجال العلاقات الدولية من منظور حضاري إسلامي مقارن، وبالقدر نفسه يسهم في التدبر في حجم ونوعية التحديات الخارجية التي تواجه مستقبل ثورتنا الشعبية وأمتنا المتجددة، حيث إن الفكر هو مرآة حال الأمة، وكاشف حال علاقتها بغيرها من الأمم، وما المرحلة الراهنة إلا حلقة من حلقات سابقة شديدة الدلالة بالنسبة لتأثير التحديات الخارجية على أمتنا، إن الرسالة التي تحاول هذه الدراسة أن تقدمها هي أن الفكر لابد له من إعمال، وأن الحركة لابد لها من فكر ونظر وعلم يسندها ويرشدها.