إن موضوع التربية كان ولا يزال من المواضيع المهمة التي شغلت المفكرين قديماً وحديثاً نظراً لخطورتها في إعداد الأجيال، وهي في نظر التربويين أشرف مهنة. وفي رأي الغزالي وابن القيم، أن مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة، ووظيفة المعلمين من أشرف الوظائف "وبالتعليم يخرجون الناس من حدّ البهيمة إلى حدّ الإنسانية". ولقد عني علماء الإسلام بالكتابة عن العالم والمتعلّم أو المعلم والتلميذ، وما لهما من حقوق وما عليهما من واجبات، وكتبوا كثيراً عن الصفات التي يجب ان يتحلّى بها كل منهما. وتعرض كتب الغزالي وكتب ابن القيم توفر الفرص للبحث في الأصول التربوية، وإرساء الأنظمة التربوية على أساس الأصالة، فهي ترتكز على فلسفة تربوية إسلامية، وهما في طليعة المفكرين الذين أرسوا هذه الأصول، وقد عملا في ميدان التعليم والتربية، مما يجعل آراءهما التربوية لها بعد وعمق وأثر وصدى، ويجعلهما من التربويين المميزين في تاريخ التربية الإسلامية. لذلك، كانت هذه الدراسة حول التربية عند الغزالي وابن القيم، وإنتقاء طائفة من آرائهما المبثوثة في مؤلفاتهما، ومواقفهما، من أجل إستجلاء المضامين التربوية المتناثرة، وترتيبها، وتحليلها وبيان أهميتها المعاصرة، وهذه الآراء والأفقكار بحاجة إلى إبراز وتصنيف حتى يمكن الإستفادة منها، ولعلها تسهم في دعم جهود المخططين والباحثين التربويين في هذا العصر.