728 x 90
728 x 90

چکیده مقاله

الذاكرة الحضارية لأمريكا اللاتينية هي الحاضر الغائب دائمًا في السرديَّات العربية الإسلامية عن التاريخ وعن الراهن. هل السبب هو البعد الجغرافي، أم تمايز التواريخ، أم حواجز اللغة أم ضعف روابط المصالح المباشرة؟ إلَّا أنها تظلُّ قارة تمثِّل مع قارات أفريقيا وآسيا ما يسمَّى الآن Global South أي الجنوب العالمي؛ والذي كان مسبقًا يُسمَّى العالم الثالث، عدم الانحياز، الجنوب، والعالم النامي أو المتخلف. ومن ثم لا بد وأن يجمعنا -نحن شعوب هذه القارات من العالم القديم والجديد على حدٍّ سواء- قواسم مشتركة حضارية بالمعنى الواسع؛ أي التي ينجدل فيها السياسة والاقتصاد والدين والهوية والثقافة، كما ينجدل فيها التاريخ والراهن والمستقبل، كما ينجدل فيها –وبقوة- الداخل والخارج، الشعوب ونظمها وحكَّامها… ولهذا فإن اقترابي من “الذاكرة الحضارية لأمريكا اللاتينية” بقدر ما كان يبحث عن الخاص والذاتي فيها، بقدر ما لم أفصلْه -في ذهني على الأقل- عن المقاربات مع النظائر في دائرتنا العربية الإسلامية من قريب أو بعيد. وهذا الاقتراب يقوم على استخلاص مشاهد متنوعة ممتدَّة عن قضايا تجمع بين التاريخ والراهن؛ ومن أهم هذه القضايا: العلاقة بالمركزية الغربية الأوروبية المعرفية – جذور الاستعمار وتاريخ مقاومته – قضايا الاستقلال والتبعية – قضايا الديمقراطية والتنمية – قضايا تنافس القوى العالمية – موضع الدين والأيديولوجيا – قضايا الأمن الإنساني. ومما لا شك فيه أن هذه المشاهد ليست إلَّا وسيلة كلية وجامعة لإلقاء الضوء على ملامح حضارية لتلك القارة؛ الثرية بالمتناقضات قدر تنوُّعها الطبيعي والبشري. أمريكا اللاتينية قارة رؤوس الأموال الأمريكية، وهي القارة التي أفرزت نظرية التبعية، وهي قارة الميليشيات والعنف المسلَّح، وقارة الانتخابات وتداول السلطة، وهي أيضًا قارة “الكاثوليكية اللاتينية”، وهي قارة المخدرات والاتجار بالبشر، وإنها -قبل ذلك كله- قارة الشعوب الأصلية وقارة المهاجرين.

مجله
--
زبان محتوا
عربی , ...