728 x 90
728 x 90

چکیده مقاله

تمس مسائل الفقه الحاضري ومناهج دراسة الحضارة الإسلامية في مدارسنا وجامعاتنا؛ هذه المناهج التي تعاني من عيوب شتى أبرزها –ولاريب- تقطيع جسد هذه الحضارة وتقديمها للطالب مزقاً وتفاريق. وهي بهذا ستفقد شخصيتها المتميزة وملامحها المتفردة التي تمنحها الخصوصية بين الحضارات، ولسوف تصير مجرد أنشطة ثقافية أو معرفية أو مدنية في هذا المجال أو ذاك، وقد تمتاز ببعض الخصائص، لكنها لن تعكس التصور النهائي لرؤية المنتمين إليها للحياة والعالم والوجود. إن معاهدنا وجامعاتنا تقطع سباق هذه الحضارة ووحدتا فيما تسميه "الضرورات الزمنية حيناً"، والمنهجية حيناً آخر والتخصصية حيناً ثالثاً. فدرس النشاط الاقتصادي في سنة أو سنة أو سياق، والحياة الاجتماعية في سياق آخر، والحركة العلمية في سياق ثالث والنظم الإدارية في سياق رابع. حتى إنها وهي تدرس كل واحد من هذه السياقات تتعامل معه مقطعاً مجزؤءاً لا يكاد يملك خصوصياته وتميزه على مستوى التصورات التي تصوغه والممارسات التي تنزل به إلى واقع الحياة. وهكذا تصير دراسة الحضارة الإسلامية –في نهاية الأمر– لهاثاً وراء أمور مثل مبررات الجزئية ودفاعاً عن موقف الإسلام من فرضها على أهل الكتاب، وركضاً وراء قوائم الضرائبي الأخرى. ومتابعةً للمحتسب وهو يتجول في الأسواق لمعاقبة المخالفين، كما تصير استعراضاً وصفياً صرفاً لمنظمة الدوليين التي لا أول لها ولا آخر، وللصراع على منصب الوزارة، وللترتيبات الأمنية والعسكرية للشرطة والجيش. كما تغدو في السياق العلمي تصنيفاً فجاً للعلوم النقلية والعقلية، وإحصاء للمدونات التي كتبها الأجداد. وفي سياق العمران يلقن الطلاب وصفاً مادياً مملاً لمفردات الزيارة وقياساتها وأحجامها بعيداً عن الخلفيات الرُّؤَوِيَّه التي وضعت لمساتها، وقدمتها للعالم وهي تحمل خطاباً حضارياً عز تقديره بين الثقافات. ويتخرج تلميذ الإعدادية والطالب الجامعي- وهو لا يكاد يمتلك معرفة معمقة بخصائص حضارته الإسلامية، وبالمكونات التي تميزها عن الحضارات الأخرى، فضلاً عن انه يتخرج وهو لا يمك الاعتزاز بحضارته والفخر بها، وان النشاط التدريسي في التاريخ والحضارة ينطوي بالضرورة على بعد تربوي، لكن هذا البعد يتفكك ويذوب من خلال المنهج الذي لا يكاد يمنح الطالب أي ملمح يجعله ...

مجله
الفكر الإسلامي المعاصر (إسلامية المعرفة سابقا) ,
زبان محتوا
عربی , ...