728 x 90
728 x 90

چکیده مقاله

عرف العرب الطب والأدوية قبل الإسلام معرفة ارتبطت بالسحر والكهانة ، وكانت بسيطة عبر ما تناقلته ذاكرة الأجيال في ما بينها انتقالا شفهيا ، بحيث يمكن أن يسمى طبا شعبيا يمارسه عدد من الأشخاص معتمدين في علاجهم على الأعشاب والأشربة البسيطة ، فضلا عن الكي والحجامة والفصد . وكان للإسلام فضل كبير في تطور العلوم ومنها العلوم الطبية ، ذلك إنه فتح الأبواب أمام المعرفة المرتبطة بالعقل والبعيدة عن الأساطير ، فكان القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تهدف إلى الفصل بين الطب والسحر ، وحث المسلمين على الاهتمام بالصحة واللجوء إلى الأطباء عند الإصابة بالمرض ، وأكد على النظافة والطهارة والفروسية . ومن الأطباء الذين كانوا في بلاد العرب قبل الإسلام وعاصروه ، وكانت لهم معرفة بالطب والعلاج الحارث بن كلده الثقفي ، والنظر بن الحارث بن كلده الثقفي ، وابن أبي رمثة التميمي ، والشمردال بن قباب الكعبي البحراني ، وضماد بن ثعلبة الأزدي ، ومن النساء الشفاء بنت عبد الله ، ورفيدة ، وأم عطية الأنصارية . وكانت ممارسة الطب في صدر الإسلام تعتمد على المعرفة بالطب والتطبب أساسها الدين الجديد الذي يشترط العلاج والوقاية وصحة المؤمنين ، وعندما بدأ الاحتكاك بالثقافات المحلية والأجنبية على أثر حروب الفتح والتحرير فإن الطب بدأ بدور آخر ، فلمعت أسماء أخرى كانت على معرفة بالأدوية المفردة والمركبة ، وكانوا على صلة بالخلفاء ، ومنهم ابن أثال الذي قرّبه معاوية بن أبي سفيان ، وأبو الحكم ، وحكم الدمشقي . وقد ازداد اهتمام العرب بالمؤلفات الطبية اليونانية والفارسية في عهد الخلافة العباسية ، وأخذت حركة الترجمة تزداد وتتسع ، وكان نصيب الكتب الطبية المترجمة إلى العربية كبير ، فبدأ دور آخر بعد دور الممارسة الطبية هو دور الترجمة والتأليف المبكر ، ومن الأسماء التي اشتهرت بذلك حنين بن إسحاق ، وإسحاق بن حنين ، وحبيش الأعسم ، ويوحنا بن ماسويه ، وثابت بن قرة . وبعد ذلك بدأ دور آخر بعد الترجمة والتأليف المبكر على غرار المصنفات الطبية السابقة لليونان وهو دور التأليف المستقل الذي دل على معرفة العرب بفروع المعرفة الطبية ، فاعتمدوا على الخبرة الطبية والتجربة والمعتمدة على الملاحظة والدرس والقدرة على الاستنتاج ونقد الآراء الخاطئة التي وجدت في الكتب اليونانية المختلفة ، فاحتوت المؤلفات العربية الطبية على قدر كبير من الإضافات العلمية في عالم الطب والصيدلة ومهدت السبيل إلى المنهج الذي يجب إتباعه عند التأليف الجامع لكل ما يحتاج إليه الطبيب والمتعلم للطب . ومن هؤلاء أبو الحسن علي بن ربن الطبري صاحب كتاب فردوس الحكمة ، وله كتب أخرى منها كتاب منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير وغيره . وكذلك الرازي صاحب كتابي المنصوري والحاوي وغيرهما من الكتب ، وابن سينا صاحب كتاب القانون . إن هذه هي بعض النماذج البسيطة لما حققه العلماء العرب نتيجة البحث والدراسة ، حيث تمكنوا من خلال هذه المؤلفات أن يصححوا الكثير من الأخطاء الشائعة لدى أطباء اليونان ، حتى إنهم تجاوزوهم في مجال علم التشريح ، وأثبتوا خطأهم في الكثير مما ذهبوا إليه . لقد حقق الأطباء العرب تطور كبير في المعرفة الطبية بكل فروعها في التشريح وعلاج الأمراض وأساليب تشخيص العلل والعمليات الجراحية والعلاج بالأدوية والأغذية ، ويعود الفضل في ذلك التطور إلى التقدم الذي أصابه المجتمع في مختلف مجالات الحياة ، واتساع الثقافة العربية ، وتعدد الشعوب التي دخلت تحت لواء الحضارة الجديدة ، فقد تطورت المؤسسات العلاجية التي منحت الطبيب العربي فرصة الدراسة المباشرة لمختلف الحالات المرضية وتوفير العلاج والتتبع آثار الأدوية في الأمراض ، والعلاج بالأدوية والغذاء ، فتطورت بذلك أساليب تحضير العقاقير الطبية النباتية منها والحيوانية والمعدنية . ومن ذلك يبدو واضحا أن الطبيب والصيدلاني كان شخصا واحدا ، إذ إن الصيدلاني يطبب أيضا ، ومن أمثال ذلك أبا قريش عيسى الذي كان صيدليا في معسكر الخليفة المهدي . وسيناول البحث بدايات علم الصيدلة عند العرب ، وجهود العرب المسلمين في تطوير علم الصيدلة ، وأقسام الصيدلية العربية.

مجله
جامعة کرکوک للدراسات الانسانیة ,
زبان محتوا
عربی , ...