728 x 90
728 x 90

چکیده مقاله

من المهم أن نحدد أن قراءات التسييس لابد أن تدافعها قراءات التأسيس، وأن القراءات الحفرية لابد أن تحل محلها القراءات الإحيائية. إن رؤى التأسيس لم يعد يفيد فيها أن نتحدث عنها في بداية كل عمل بحثي أو علمي أو معرفي حيث تطغى الديباجة في تفخيم الألفاظ، ومعاني الزينة، أو لمقتضيات الاستكمال، بل علينا أن نترجم ” رؤى التأسيس” إلى حركة بحثية دائبة تترك تأثيرها على كل مجالات الحياة وتنوعاتها، كما تترك بصماتها على كل مجال معرفي أو بحثي، وإطار ونسق مفاهيمي ومنظومة منهجية. إن استثمار هذه الرؤية في سائر المنتوجات المعرفية، وضمن السياق المعرفي هي البحث في كل متضمنات وفاعليات التعبير القرآني ” صبغة الله”.(1) إن علم تحنيط الأفكار لم يعد يجدى أو يفيد في هذا المقام، لأن هذا التصور ليس في النهاية إلا تكريسا لثقافة القبور أو الحفريات، وإن عالم الأفكار وكل ما يتعلق به من عمليات يحتاج منا البصر بكل الفاعليات، إن إحياء عالم الأفكار المخذولة له قوانين، والتعامل مع عالم الأفكار القاتلة له أصوله، والتعامل مع هذه الأفكار وهي في حالة الحركة لا السكون يفرض تفاعلات هائلة، يجب ألا نقفز عليها أو نتغاضى عنها، فإن قوانين الحركة والتغيير والنماء والتكاثر غير قوانين الجمود والسكون والانقطاع إن سلفنا الصالح تفهموا معانى الصبغة، فصبغت أصولهم وأعمالهم جميعا، وعرفوا الشريعة كالجملة الواحدة، وتيقنوا أن رؤى التأسيس لابد أن تفرض فعل وأشكال وتجليات لهذا التأسيس، تحرك أصول الوعى كما تدفع إلى مقدمات السعي، والسعي متنوع الحركات والمجالات ومن أهم دوائره على الإطلاق، الحياة البحثية والعلمية. إن استئناف فاعلية هذه المعاني في حركتنا المعرفية والبحثية لا يتأتى إلا من خلال صياغتها بما يحقق هذه الفاعلية النظرية والمعرفية، وإن بإحياء كلمات التأسيس ضمن فعــل التأسيس (الرؤية العقدية الدافعة، أصول الشرعة الرافعة، قيم التأسيس وقيم الأساس الحاكمة، ومجال الأمة الجامعة، وعناصر الحضارة الفاعلة، وسنن الكون والنفس والمجتمع والتاريخ القاضية، ومجالات ورتب المقاصد الكلية العامة الحافظة والحاضنة (2)، هو ما يزكى أصول الفقه الحضاري التي تتصل بعض المستويات فيه بفقه بناء المعيار وتأسيسه وصياغاته كرؤى قابلة للتفعيل والتشغيل ضمن سياقات متنوعة وأهمها المجال المعرفي والعلمي والفكري والثقافي والحضاري، فإن المستويات والفئات الأخرى تعنى بفهم الواقع وإمكان مقايسته على المعيار ورده الرد الجميل إليه، وملاحظة الانحراف المعياري وتقويمه مهما دق أو جل بمنهج علمي سديد منضبط يتفهم عناصر الظاهرة الاجتماعية والإنسانية في خصوصيتها، والظاهرة السياسية والدولية كمجال بحثي يستحق الاهتمام. كثيرة هي المترتبات على ذلك التمييز بين قراءات التأسيس وقراءات التسييس، وتلك المفارقة بين القراءات الحفرية والقراءات الإحيائية، وكثيرة هي الأشكال والمظاهر التي تتجسد فيها تلك القراءات السلبية لتحاصر القراءات التأسيسية الإحيائية الحضارية، أكثر ما يتضح فيه ذلك هو تراث العلاقات الدولية الحاضر شكلا في العصر، الغائب بمناهج نظر غير لائقة وغير فاعلة وواعية.

مجله
مجلة المعهد المصري ,
زبان محتوا
عربی , ...