في هذه الورقة يحاول الكاتب توضيح العلاقة بين الرؤية الكلية والمنهجية والأداء التربوي، وكيف أن تصحيح الرؤية الكونية الكلية والمناهج المعرفية المتبعة في الفكر التربوي والممارسة التربوية أمر ضروري لنجاح الإصلاح التربوي. ويخلص الكاتب إلى أن الدافع الغريزي للأبوة الذي يقود إلى العمل المخلص الدائب لما فيه مصلحة الطفل والناشئة هو المفتاح الأساسي للتغيير في المجتمع وإعادة بناء العقلية والنفسية المسلمة، وذلك إذا قام المفكرون والمثقفون والتربويون بمهمتهم العلمية الثقافية التربوية في صياغة الخطاب المقنع للآباء والأمهات من أجل تجنيد نفوذهم النفسي الغريزي للتغيير البنّاء في نفوس الأطفال والناشئة. وحاول الكاتب في هذه الورقة، لتحقيق تلك الأهداف، متابعة السير التاريخية للفكر والثقافة الإسلامية ومناهجها المعرفية وما لحق بها من تغيير وتطوير يعكس الرؤية الكونية على عصورها المتلاحقة، وأثر الظروف البيئية على التغيرات التي طرأت على هذه الرؤية، ومن ثم على مناهج المعرفة اللازمة للتجارب مع هذه التطورات وأثر ذلك وانعكاسه على المناهج التربويـة، وتكوين العقلية والنفسية لأبناء الأمة في مختلف المراحل التي مر بها تاريخ الأمة وحضارتها حتى اليوم. وأوضح الكاتب أنه من خلال فهم العلاقة بين الرؤية الكونية ومناهج المعرفة ومناهج التربية، يمكننا إعادة صياغة هذه الرؤية والمناهج لتعكس واقعنا، وتستجيب لحاجات الأمة وظروفها وإمكاناتها، والتحديات التي تواجهها إعادة بناء عقلية أبنائنا وبنائهم النفسي اللذين يقوم عليهما بناء المجتمع وأداء أفراده ومؤسساته، ويرسم طريق عطائه العمراني والحضاري. وأوضح البحث كذلك أن أي إصلاح لا يقوم على فهم كلي شمولي لهذه العلاقات يكون إصلاحاً عشوائياً، لايكتب له النجاح ولا تتحقق أهدافه الأساسية. كذلك استعرضت هذه الورقة طبيعة الرؤية الكونية التي جاء بها القرآن الكريم ومناهج الفكر التي انبثقت عنها، ثم ما طرأ على المجتمع الصدر الأول من تغيرات نجم عنها الصراع والفصام بين صفوة الفكر والعلماء، وصفوة السياسة والحكم والسلطان وأثر ذلك على قدرة كل فريق على أداء دوره، وما نجم عن ذلك من تشويه للرؤية الكونية الإسلامية التي أدت إلى تغيير في مناهج الفكر لكي تصبح –معصحبها من فكر ومنطق نظري إغريقي –مناهج تابعة جزئية انعكست على ثقافة الأمة ومناهجها المعرفية لتصبح رؤية اجتماعية ...