728 x 90
728 x 90

الفردوس الأرضی دراسات واطباعات عن الحضاره الأمریکیه

DMHOME_S04_0172_1 (1).jpg
الفردوس الأرضی دراسات واطباعات عن الحضاره الأمریکیه
انتشارات
تنویر ,
لینک خرید
---
زبان محتوا
عربی , ...
DMHOME_S05_0333 (1).jpg
معرفی اجمالی :

في العصر الحديث في الغرب، وبانتشار الفلسفات البورجوازية بتقديسها للأشياء، بدأ يظهر نوع جديد من الحساسية اسمه "الحساسية الفردوسية" هي في صحيحه نوع من الغيبية العلمية. والغيبية العلمية لا تختلف كثيراً عن الغيبية التقليدية في ادعائها الإطلاق لنفسها وفي نفيها للجدل وفي محاولتها تصغية. فالغيبية الدينية التقليدية كانت في جوهرها احتكاراً للحقيقة المطلقة النهائية ولسبل الخلاص، ولذا كان على المؤمن أن يتبع هذه الحقيقة حتى يصل إلى الفردوس، أما الذين كانوا يقاومون هذا الخلاص فقد كانت تفرض عليهم العقيدة فرضاً عن طريق العنف. والغيبية العلمية الجديدة تدعي لنفسها احتكار الحقيقة المطلقة، بل أنها تنسب لنفسها القدرة على تحقيق الفردوس في الأرض "الآن وهنا" بإشباع كل رغبات البشر، ذلك أن استسلم الناس وأسلموا النظر عن العائد المعرفي أو الإنساني له وبغض النظر عن مقدار البؤس أو السعادة التي يجليها للبشر. وفي هذا الكتاب يسجل د. عبد الوهاب المسيري انطباعاته التي كانت وليدة ملاحظته عن هذا التيار الفردوسي المعادي للتاريخ والايديولوجيا والملتزم بفكرة التقدم العلمي بأي ثمن بأنه هو البناء الكامن وراء كثير من الأفكار سواء بين أعضاء اليمن واليسار. وقد وجد أنه من المفيد تسجيل انطباعاته هذه التي تولدت أثناء إقامته في الولايات المتحدة . وكتابة دراساته في هذا الكتاب منطلقاً من إيمانه بالإنسان على أنه كائن طبيعي-تاريخي: كائن يحلم بالفردوس لكنه يعيش في التاريخ. لقد لاحظ أن الإنسان في الولايات المتحدة لها القياد، متبعين آخر الأساليب العلمية التي لا يعرفها بطبيعة الحال إلا العلماء، وذلك حتى يتسنى الوصول في أسرع وقت من خلال أقصر طريق إلى الفردوس الموعود. وهذا التصور الفردوسي للإنسان ليس حكراً على فلاسفة الرأسمالية والتكنولوجيا وإنما هو جزء من تصورات المواطنين في الحضارات الصناعية في الغرب، وقد عبر هذا المفهوم عن نفسه في فكرة "التقدم" السريع والدائم نحو الفردوس العلمي المنظم الذي يعيش فيه الإنسان كالأطفال في تناسق تام مع الطبيعة وكأنه آدم قبل السقوط وقبل أن يكتسب معرفة الخير والشر. فالتقدم العلمي أصبح هدفاً في حد ذاته بغض يهرب من التاريخ ليعيش في الفردوس، ولكن، وهذا هو ما خبره المسيري، من يهرب من التاريخ ليعيش في الفردوس ينهي به الأمر إلى الجحيم، فالإنسان الذي يهرب من معرفة قانون الضرورة والذي يرفض فكره الحدود التاريخية ليمرح في فردوس اللاحدود وسنتهي به الأمر في عالم الصدفة العبثي الذي لا يحكمه قانون، والجحيم هو الصدفة والعبث، تماماً مثل إنسان روسو الفرح الذي يتحول بالضرورة إلى إنسان داروين الذي تأكله الذئاب من الحيوانات الطبيعية أو من البشر الطبيعيين. إن الإنسان وجود جدلي: جسد وروح واعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً والمجتمعات الاستهلاكية التي تظن أنها قادرة على إشباع جميع رغبات الإنسان والتي تعرف هذه الرغبات بشكل كمي، مسقطة احتياجاته الروحية من الاعتبار، هذه المجتمعات تتجاهل ازدواجية الإنسان وتسبب البؤس للبشر.

معرفی کتاب